الأربعاء، 25 يوليو 2018

على مشارف العقد الرابع.. اليوم أقف !




بعيدة عن كل تخيلاتي بداية العشرين، استكملت اليوم معاني الثلاثين، أقف اليوم تقريبا في منتصف العمر، حيث استثار مشاعري كلماتي فأبت إلا نثر خواطرها رغم تعهداتي السابقة بالتوقف عن الكتابة ..

ثلاثون يسرا عشتها سهل الله لي أموري كلها برحمته .. ومع ذلك ومهما فعلت لا أستطيع التوقف عن التفكير في العمر الغامض الذي يحمله لي العقد الرابع وعن الأشياء الجديدة الذي بإمكاني فعلها؟

سألتني عمتي – وتحديدا قبل شهرين- باستنكار:
-         يعني الآن الواحدة منكن لما تكون موظفة قد تتمنى زوجا وأولادا، ومن تزوجت وأنجبت أولادا قد تضيق ذرعا بضيق يدها وتتمنى دخلا خاصا بها .. فما الذي ينقصك حتى فقدت صوابك وأنت في أجمل مراحل العمر !

تلعثمت قليلا لحظتها وأنا استجمع الكلمات .. من هنا وهناك ،،  أية جملة  تقنع وتجيب عمتي ،، لكنني لما أدركت إنني أبحث فعليا عن إبرة في كومة قش، فضلت الصمت!

لكن السؤال أصبح كالكابوس لأنه لاحقني كل صباح

ما هذا الذي حدث لي الفترة الأخيرة ؟؟

كيف بإمكان كلماتي الهزيلة أن تصف ما أصابني يا عمتي، فوتيرة المشاغل قد سدت عن ناظري الأفق فلم أعد أستشعر ما أفعله فضلا عن أن أصفه ..

يقرر شريك حياتي أن يمنحني لحظات من الصفاء، يقرر الفرار بي للجانب الآخر المشرق من الدنيا .. تحت أشعة الشمس الدافئة مع صوت المياه المتدفقة ، عدة أنشطة متعددة لممارسة جلسات الاسترخاء والتي قرأت أفضل الكتب لممارستها ، تارة تحت الماء ومرة في إضاءة خافتة ، وفي الوادي العجيب وصوت العصافير، كل هذا النعيم لأدرك تماما معنى حديث رسول الله أن هذه الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله  وما والاه أو عالما أو متعلما ..

ما هذه الحياة التي جبلت على كدر ونكد !

أحاول الاسترخاء وإذ بهاتفي يرن ، ترررررن ترررن ، أووه نسيت ابعاده ، أبعده لأتذكر المرحوم الذي فجعنا بموته مؤخرا فيتسلل الهم إلى قلبي : يارب أنت غني عن عذابه ياا رب ارحمه واغفر له ! .. يااا رب ياارب !

أحاول التركيز مرة أخرى غير أن هاتفي لا يكف عن الضوضاء .. لا أستطيع اغلاقه لأن وظيفة الأحلام التي استغرقت فيها لا يسوغ لي التوقف عنها.. ما قيمة الأحلام ما لم يعقبه الاستيقاظ  يا عمتي !!

أنهي الحديث في الهاتف وأتسلل بعيدا عنه كي أتحجج بعدم وصول صوته إلي ، أحاول الاسترخاء مرة أخرى .. أوووه هل هذه أنا المنعكسة على المرآة ؟؟؟؟؟  يا ويلي متى زدت عشرة كيلوات كاملة !! ><

أفكر ببرنامجي الجديد "للريجيم" المخطط له وثغراته ، يعتيريني الهم مرة أخرى إذ أحاول بأفكاري سد ثغراته، أحاول صرف النظر إلى شيء آخر يشتت انتباهي؛ باحثة عن السعادة المزعومة في التأمل .. وإذ بصوت رضيعتي الصغيرة محتجة ... حليييب حليييب ، لا حول ولا قوة الا بالله !

عابثة أحاول .. وشكرا لكل أرباب الاسترخاء !

ها أنذا أحاول اخماد كل همومي الحالية وغلق أبوابها بالمزاليج قسرا، ولكن ماذا عن ذلك الشعور ما أن ترفع رأسك إلى السماء ، ترجع البصر إليه مرارا لتعلم حق اليقين أن الله هناك فوق العرش في أعلى العليين يراقبك ويرى ما تصنعه الآن !

تتذكر أنك لم تخلق  لهذه الدنيا ولا لمتعها الحالية وإنما لغايات سمية .. لحظات كهذه تستحي من جلستك هذه وترى مدى تقصيرك وظلمك لنفسك .. تعلم وانت ترى  تساقط من حولك وازدياد احتمالات رحيلك عن الحياة  إلى الضعف أنك راحل لا محالة لا محالة .. فمتى اللقاء يا آلله ! وماذا عن الزاد يا نفس !!

والحقيقة يا عمتي أن انشغالي عن الزاد الحقيقي وأملي - الذي زاد عن حده-  هو ما أفقدني صوابي!!

نعم في تلك الليلة الغريبة بدأت هلوساتي بالحديث عن الجنة .. ولقد كان أكبر مخاوفي في الصباح التالي هو أن يتخلى الله عني ويسجنني في هذه الدنيا .. فعلا أراني الله في نفسي آية عجيبة ،، ليهب لي بعدها حياة وفرصة جديدة ليرى ما أصنع !

وها أنا اليوم أطوي ثلاثون عاما من عمري ..  ثلاثون أخريات أرجوها من الله لي ولأحبتي في سلوك الطريق المستقيم ، ثلاثون عفوا وتوفيقا وسدادا وعافية ورحمة ~

قبل ذلك قضيت عمري مغامرة وتجديدا وبحثا وحيرة .. تجارب عديدة مررت بها ، لكن وعلى مشارف الثلاثين لم تأخذني إحداهما محمل الجد،  سوى الأمومة وحلمها الكبير ..❤

أستقبل عقد الرابع وقد عزمت العزم ليوسف ويسرى أن لا أتواني ما دمت على قيد الحياة لأجلهما .. قد لا أملك لهما شيئا ، وقد لا أستطيع أن أكون كل شيء لهما .. لكن لن أتوانى بعد توفيق ربي عن تقديم كل ما يمكنني فعله لصلاح أمرهما ~

أستقبل العقد الرابع من حياتي بعدما ساهم شريك عمري في علاج روحي وقد لسعتها عقارب الساعة الخامسة والعشرون فالثلاثون.. بمعرفته أدركت أنه لا حاجة لي إلى "دراسات عليا"؛ فحبه وعالمه السحري بذاته "دراسات عليا" أفتخر بحمل شهاداته أينما حللت ~

أستقبل العقد الرابع وأنا أكثر إدراكا لجهود وقيمة تربية والداي لي ،، مهما فعلت فلا أملك رد الجميل لهما لكنه الدعاء وبذل البر لهما ،،، لم يبق من ملامح بيتنا الذي قضينا فيه طفولتنا -أنا وإخوتي- سوى التراب، وأصوات نقاشات أخوتي في كل مرة نلتقي عن مشاريعنا الحقيقية في وطن الأم !

أستقبل العقد الرابع وقد من الله علي بصحبة خيرة، وعمل طيب ، ونفس تواقة ، حلم كبير وباب علم وإصلاح أسأل الله أن يتم نعمه علي .. 


على مشارف العقد الرابع.. أخيرا أقف عازفة عن مرددي (تقدير الذات) وأهل (الثقة بالنفس) ، رافعة شعار طلب العلم ) فيما اقتبل من عمري في كل ما ينفعني،،  فقد قيل "وذات الفتى والله بالعلم والتُّقى إذا لم يكونا لا اعتبار لذاته"


 فيا أيها السابقون العالمون، المجربون العارفون ، هلا بنصيحة توجز لي طريق الحياة ؟ ~




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق