الأربعاء، 23 مارس 2011

بلا أطر !




مؤخراً .. أصبحت رسائلي إليك كثيرة - عزيزتي عنود – و بلا عناوين ..
هل أصبحت أعيش في واقع بعيداً عنكِ .. وعن جمال أيامنا  الباهرة .. يراودني شعور قريب لهذا بعض الشي ..
 تعلمين عزيزتي .. مجدداً أتساءل عن عالم أحبه بت أعيش فيه مؤخراً .. عن صديقاتي الجدد الاتي بودي لو عرفتُهن إليكِ .. هل تعلمين أنهن يتساءلن عنك كثيراً يا عنود .. وأنا فقط في كل مرة ينتابني ألم شديد .. وأبتسم ابتسامة بلا معنى !

واليوم يا  عنود .. يزعمن صديقاتي القريبات مني هنا أنني وصلت معهن قمة الإخاء .. أننا ذقنا معاً طعم الصداقة الحقيقة .. هن صادقات يا عنود فقد يكن وجدن  بالصداقة  لذة لا يعرفنها .. لكنهن .. كعادتهن غافلات .. بسيطات .. يرضيهن القليل .. و لا يميزن بين الغث والسمين ..

وللفائدة : الغث والسمين كلمتان بينهما طباق ( تضاد ) في المعنى . و الغث تعني : النحيف الضعيف قليل اللحم . والسمين : كثير اللحم . وعلى ما يبدو فإن هذا من كنايات العرب الشهيرة التي تضرب لكل أمر فيه الجيد والسيئ . أو لمن يختار السيئ ويترك الجيد فيقال : أخذ بالغث وترك السمين ..

أشعر بالشعور الذي قد يتراود في ذهنك و استغرابك إزاء ما أقول .. والحقيقة هي أنني أعلم يقيناً أن هذا الاستغراب سرعان ما يزول عنك إذا عرفت السبب .. وإذا عرف السبب بطل العجب يا عنود !

عن الصداقة الحقيقية يدور حديثي الليلة يا عنود .. ولربما لو سألت إحدانا عن معناه .. لوصفته بذلك الحب التي تجده في صدرها .. ذلك الشوق الذي يهتاج في روحها .. طعم الإيمان الذي تذوقه بحبها .. الهمة العالية التي يجلبنها ..  وربما فسرتها بالسعادة العامرة .. وتقهقر الآلام بلقاء الأخوة ..

باختصار : نرتجمها يا عنود بالمشاعر والإحاسيس .. ولا ندري أن غاية  الأمر هو فعل وأقاويل .. ولذلك فقط  .. أصبحن نرضى ونكتفي بالقشور ونحن لا ندري  .. وتركنا اللب و المحتوى والأهم  ونحن لا ندري .. ومن هنا يأتي الخلل في كل مرة .. ولا نشبع .. ثم لا ندري بعد ذلك لم لا نشبع !
 بل العجيب والأغرب .. هو جهلنا المركب عزيزتي ..  فنحن نترفع عن تناولنا للبّ  .. لسبب ما - ولا أدري ما الذي حملنا على ذلك -   قلبنا بعض المقاييس .. فأصبحنا نستنكر على من أراد الوصول إلى الوجبة الحقيقة بدل أن نستنكر على صاحب القشور  ... جهلاً على غفلة بالطبع نفعل ذلك يا حبيبة  ..

لا أعرف أي شعور روادني وأنا أقرأ كلمات كتبت عن الأخوة.. حقيقةً ..  لقد حجرنا واسعاً يا عنود .. وضيقنا الفناء تضييقاً ..  لذلك .. لم أشعر إلا وعينايا تدمعان وأنا أقرأ كلمات سلفنا الصالح .. يال سلفنا الصالح .. كم عرفوا لذة هذه الحياة الحقيقة ..كم  سبقونا في معاني السمو والعلو ..  بحق هم نجوم السماء .. ومنارة علا لا يعلى عليهم ..

حقيقة الحب في الله :
قال علي بن الحسين لرجل:هل يُدخل أحدكم يدَه في كُمِّ أخيه أو كيسه، فيأخذ منه ما يريد بغير إذنه؟
قال: لا ..
.قال: فلستم بإخوان !

* قال أبو سليمان الدارانيّ:إني لأُلقِم أخاً من إخواني فأجد طعمها في حَلْقي.

من طريف الحُبِّ في الله :
* قال اليزيديُّ:رأيت الخليل بن أحمد، فوجدته قاعداً على طِنْفِسةِ، فأوسع لي، فكرهتُ التضييق عليه.فقال: إنَّه لا يضيق سَمُّ الخِياط على متحابَّيْنِ، ولا تسع الدنيا متباغضين.(عيون الأخبار، لابن قتيبة: 3/12)

أخو الصِّدق :
* قال علقمة بن لَبيد العُطارِديّ لابنه:يا بني! إذا نزغتك إلى صحبة الرجال حاجة؛ فاصحب منهم من: إن صحبته؛ زانك، وإن خدمته؛ صانك، وإن أصابتك خصاصة (الفقر والحاجة) مانك (أي أنفق عليك واحتمل مؤونتك وقام بكفايتك)، وإن قلتَ؛ صدَّق قولك، وإن صُلتَ؛ شد صولك،
وإن مددت يدك بفضل؛ مدَّها، وإن رأى منك حسنة؛ عدَّها، وإن سألته؛ أعطاك، وإن سكتَّ عنه؛ ابتداك، وإن نزلت بك إحدى الملمات؛ آساك، من لا يأتيك منه البوائق، ولا تختلف عليك منه الطرائق، ولا يخذُلك عند الحقائق، إن حاول حوِيلاً؛ آمرك، وإن تنازعتما مُنفِساً: آثرك. (حاول الشيء: أراده، وآمر: شاور، والمنفِس: عظيم القيمة).

* قال الشاعر:
إِنَّ أخاكَ الصِّدقَ مَنْ لَن يخدعَكْ *** وَمَن يَضـرُّ نفسَه لينفعَكْ
وَمـن إذا ريبُ زمـانٍ صَدَعَكْ *** شَتَّتَ شملَ نَفْسِهِ ليجمعَكْ
(عيون الأخبار، لابن قتيبة: ¾)

قول في الصديق :
* قال يحيى بن معاذ :بئس الصديق صديق تحتاج أن تقول له: اذكرني في دعائك، وأن تعيش معه بالمداراة أو تحتاج أن تعتذر إليه.(مختصر منهاج القاصدين، لابن قدامة: ص 96)

الأخوة بين الإجحاف والإنصاف :
* قال الأسود بن كثير: شكوت إلى محمد بن عليِّ بن الحسين الحاجة، وجفاء الإخوان.فقال: بئس الأخ أخا يرعاك غنيا، ويقطعك فقيرا.ثم أمر غُلامه، فأخرج كيسا فيه سبعمائة درهم، فقال: استنفق هذه، فإذا نفذت، فأعلمني.(كتاب المتحابين في الله، لابن قدامة: ص 97 )

هكذا فعل الإخوان في الله :
* دخل رجل على الحسن، فوجَده نائما على سريره، ووجد عند رأسه سلَّة فيها فاكهة، ففتحها، فجعل يأكل منها، فانتبه، فرأى الرجل يأكل، فقال: رحمك الله، هذا –والله- فعل الإخوان.(كتاب المتحابين في الله، لابن قدامة: ص 78 )

الأخ في الله خير من الدنيا :
* قال أبو سليمان الدارانيّ:لو أن الدنيا كلَّها في لقمة، ثم جاءني أخ لي لأحببت أن أضعها في فيه.(كتاب المتحابين في الله، لابن قدامة: ص 78)

* قال بن عبد العزيز:ما أعطيت أحدا مالا إلا وأنا أستقلُّهُ، وإني لأستحيي من الله أن أسأَلَهُ الجنة لأخ من إخواني، وأبخل عليه بالدنيا، فإذا كان يوم القيامة قيل لي: لو كانت الجنة بيدك ما بخلت؟!

زيارة الأخ في الله :
* كان الإمام الشافعي –رضي الله عنه- يزور تلميذه الإمام أحمد بن حنبل كثيرا، ويزوره الآخر كثيرا. فقيل للشافعيِّ في ذلك، فأنشد –رحمه الله-:

قـالوا يزورك أحمد وتزوره *** قلت الفضائل لا تغـادر منزله
إن زارني فبفضله، أو زرته *** فلفضله، والفضل في الحالين له
فأجابه الإمام أحمد –رحمه الله-:
إن زرتنا فبفضـل فيكَ تمنحنا *** أو نحن زرنا فللفضل الذي فيكا
فلا عدمنا كلا الحالين منك ولا *** نـال الذي يتمنى فيذك شـانيكا
(الأنوار في صحبة الأخيار: ص  (56-57 
قول في الصديق :
* قال جعفر بن محمد:أثقل إخواني عليَّ من يتكلف لي وأتحفَّظ منه، وأخفُّهم على قلبي من أكون معه كما أكون وحدي..
( مختصر منهاج القاصدين، لابن قدامة: ص 100)

أين نحن من هؤلاء ... أين نحن من هؤلاء ؟؟
بل لننظر إلى القرآن وهو يذكر صلاحيات الأخوة ..
" ليس عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ "

قال الشيخ السعدي في تفسيره :
)أَوْ صَدِيقِكُمْ ) وهذا الحرج المنفي عن الأكل من هذه البيوت كل ذلك، إذا كان بدون إذن، والحكمة فيه معلومة من السياق، فإن هؤلاء المسمين قد جرت العادة والعرف بالمسامحة في الأكل منها، لأجل القرابة القريبة، أو التصرف التام، أو الصداقة، فلو قدر في أحد من هؤلاء عدم المسامحة والشح في الأكل المذكور، لم يجز الأكل، ولم يرتفع الحرج، نظرا للحكمة والمعنى...
ثم قال : (وفي هذه الآيات دليل على قاعدة عامة كلية وهي: أن « العرف والعادة مخصص للألفاظ، كتخصيص اللفظ للفظ » فإن الأصل أن الإنسان ممنوع من تناول طعام غيره، مع أن الله أباح الأكل من بيوت هؤلاء، للعرف والعادة، فكل مسألة تتوقف على الإذن من مالك الشيء، إذا علم إذنه بالقول أو العرف جاز الاقدام عليه .. )

أين نحن من هؤلاء ... أين نحن من هؤلاء ؟؟


هناك 3 تعليقات:

  1. لو كااان الصديق حقًا كماا تقولين ياا أمل لكنآا بخييير بخير..

    ولكن السؤال،
    >>
    أيحتاااج الصديق الحقيقي لكل هذه المواعظ، والدروس ليصبح كما نريده أن يكووون..؟

    أم أن ظهور ذلكـ عليه لا يكون إلا عفويًا..؟!
    إن كااان كذلكـ، إذًا فالعفوية هي ما ينقصنا
    أم أننا لم نستبين لذاكـ سبيل فأصبح فهمنآ بلا أطر..!! ~

    "أملي، أن يزداد ما بداخلي من أمل>> للوصوول، للوصول..!!

    هنيئًا لكِ يا "عنووود ما بقيتِ تستقـين من بحر الأمل،..؟
    طمووح..،)

    ردحذف
  2. ( أبتسم )
    أسأل الله أن نذوق اللذة الحقيقية تلك ~

    ،

    و أقول كما قالت طمووح،،
    هنيئًا لكِ يا عنود ما بقيتِ تستقين من بحر الأمل ~
    ( ابتسامة رضا )

    بارك الله فيكِ أملي

    ردحذف
  3. أهلا ومرحباً ب طمووح في مدونتي ..

    أعتقد أنها بالفعل تأتي عفوية منا في الواقع .. لكن نحن من نجيد كبتها تكبيتاً في الحقيقة ..

    وعنود هذه صديقة أحبها بحق .. لكن للأسف لا أظنها تستسقي من بحري الآن .. هي بعييدة بعيييدة الآن ولا أدري ... !

    لكن أنا أيضاً أحبكم كثيراً كثيراً .. أشعر أن الله عوضني بألف عنووود هنا ...

    هذا جواب لك يا غالية ..

    وبالطبع لفصوول أيضاً ..

    أشكركما ..

    ردحذف